لم ننساكم ، لن ننساكم ، لم نتجاهلكم، لن نتجاهلكم ، لم تغيبوا عن الحياة ، لم تقتلوا بسبب الإهمال ، لم تقتلوا بسبب أخطاءٍ طبيةٍ هذه المرة ، لم تذهبوا بعيداً ، فقط في أماكنكم كنتم الأهدأ موتاً ، كنتم الأحرى بالموت من أولئكَ الذين التجؤوا إلى جبلٍ يعصمهم من الماء، أو إلى الدور الثاني بحكم علوه عن السيل الكبير ، كنتم تبحثون عن الأمل في الحياة وكذلكَ أرادَ ذووكم ، هل تصدِّقون أنَّكم رُبّما لم تخطروا لهم ببال ، فقد كنتم في عدادِ الموتى قبل أيامٍ أو أشهُرٍ أو حتى سنواتٍ ، كنتم تُعاشونَ بالقوَّةِ الجبريةِ تحتَ رحمة الله ثمَّ رحمة الأجهزة التي تمدُّكم بنوعٍ من الهواءِ كي تستمرَّ فيكم الحياةُ ويبدعُ المبدعون فيكم أنواعاً من المحاليلِ ، والسوائلِ الأخرى المجهولة منها والمعلومة ، فأنتم في ( العناية الفائقةِ ) ويتدرَّبُ على رؤوسكم المتدَرِّبون ليجتمعوا في نهاية الفترة ( الوردية ) مع الاستشاريِّ المشهور ويكتبُ بخطِّهِ الرديءِ ما أبدعَهُ منذُ استلامِهِ ملَفَّ المريضِ المسكينِ الغائبِ عنِ الوعيِ والحياةِ ، ثُمَّ يلفظُ بلغتِهِ الإنجليزية الواهيةِ فصولَ تلكَ المسرحيةِ الهزليةِ ، الصحِّيةِ ، زعماً أنهُ من مرَّت بهِ الساعات ربَّما الطوال ليرضي ربَّهُ ، بأمِّ عينيَّ رأيتهُم يجرُّون العرباتِ حاملةً أشباهَ الجثثِ من مسنينَ يقبعونَ في غرفِ العنايةِ منذُ سنواتٍ إلى مبانيَ وأدوارٍ بمبانيَ أخرى بعيداً عن الناس ، ماذا تجرون لقد تخلَّت عائلاتهم عنهم من أبناءَ وبناتٍ وإخوانٍ وأخواتٍ و...و...و... ممن كتب الله اللعنةَ على من قاطعهم فما بالكم مساكيننا بمن يخدمونكم من أجل أجورٍ بسيطةٍ ولأجلِ من ؟ لكم سافرت بكم الحياةُ آلاف الأميالِ ومختلف الاتجاهات بحثاً فيما مضى عن لقمة العيش الكريمة لأبنائكم البررة الكرامِ السفلةِ ، والآنفين أعني ، الذين طالت لياليهم بهمِّكم ، واستطال العمرُ ببرهم لكم ، لقد كنتم تخالون أنفسكم أفضل الناسِ ولا زلتم ، وتخالون أنسكم أحنَّ الناس وأنتم كذلكَ ، الأخطاءُ في التربةِ لابدَّ منها على أيِّ حالٍ ، لكن هل تستحقُّون ماحلَّ بكم من جورٍ وظلمٍ وحرمانٍ ، " العنايةُ بهم هناكَ أفضلُ " كذبتَم واللهِ !! لانحسنُ التعاملَ معهم " عليكم ماتستحقونَ من اللهِ !! " أزواجنا يتضايقون من وجودهم في منزلنا " عليهِنَّ مثلَ ماعليكم من اللهِ .
إنكم ولا ضيرَ حطبُ جهنَّمَ فمن تخلَّى عن والديهِ في مثلِ هذا السنِّ، فقط دخلَ دائرة الملعونين والمطرودين من رحمة الله ، (" إما يبلغَنَّ عندكَ الكبرَ أحدُهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما ، وقل لهما قولاً كريماً ")
ومن هديه صلى الله عليه وسلَّمَ : ( ففيهما فجاهد ) ثلاثاً دلالةٌ على عكس ماحصل ويحصل وسوفَ يحصلُ إلا مارحمَ ربي لإنَّهُ عليمٌ بذات الصدور ، ماحصلَ في مستشفى الجامعةِ بجدَّةَ لدليلٌ واضحٌ كلَّ الوضوحِ على
أنَّ عاقبةَ الظِّنِّ باللهِ سيئةٌ ، فاللهُ لاينسى عبادهُ مهما ابتعدوا عنهُ وارتحلوا بغيةَ الفسادِ والحب في الدنيا وزينتها وإرضاءً للزوجاتِ والأبناءِ وما سواهُنَّ فاللهُ المستعانُ على مايصفونَ ، أما أنتم أيها الشُّهداءُ الذينَ أخذتكم الأمواجُ العاتيةُ قبلَ سيلِ جُدَّةَ ومن بعدِ ذلكَ أخذكم الطوفانُ حيثُ الراحةُ الأبديةُ من انتظارِ فشلاتِ أكبادكم الفشلةُ ليثبتَ كلامهُ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، " بابان من أبوابِ الجنَّةِ " انتهى بكم الطوفانُ حيثُ المآلُ الأخير ُ ، رحِمَكُمُ اللهُ ، وأسكنكم فسيحَ الجناتِ وأعاضكم في شبابكم خيراً ، وعفا اللهُ عنَّا وعنكم ووالدينا ووالديكُم، وأسألُ اللهُ لمن فقدكم أن تكونَ الصالحتُ عواقبَ وحسنَ الختامِ ثواباً وأن يستشعروا التوبة قبل بلوغِ الروحِ الحلقومَ وأن يبحثوا جاهدينَ عن مكفِّراتِ ماصنعوا بأوليائهِِم وأن يبدؤا البرَّ بعدَ المماتِ والتعلُّمَ من الملمَّاتِ وفعلَ الطاعاتِ وتركَ المنكراتِ والحرمانَ من التودُّدِ والتقرُّبِ ممن الناسِ لأجلِ تحقيق الملذَّاتِ والسَّفِّ من الطيباتِ دونما رجوعِ إلى خالقِ
الكائناتِ عظيمِ المكرماتِ اللهِ ربِّ السماوات .