تلاطمت الأموج ، واجتمع الشتات ، تناثرت ذرات الغبار المتراكم يوماً بعد آخر، اقفهرَّت الجهات ، وارتطم الحطام على أكوام الجفاف ، سهرت الأعين ليالٍ عدةً ، رغبة فقط في الهيام.
حاولت تلك النسمات تحذير السُّهَّار من ليلٍ جديدٍ هدَّام، زحفت السحبُ خفيةً دون أن يشعرَ بزحفها النائمون في غب الليالي الملاح الطويلة العظامِ ، أحقاً سينتبه هؤلاء الرعاع لما سيقدم من ليلٍ عديم النهار ، والأفكار، والأحلام ، زمهرت البروق سماء الأبطال !! اهتزت الشواطئُ وارتعدت فرائص الأسماك والأحياء والمرجان !! أين أنتم من ذكر المنان الحنَّان ؟! الآن ! نعم هي الآن تتخبط في دامس الهم والحرمان ، فمن مأمنٍ ومسكنٍ آمن إلى جحيم ٍ ودارٍ خاليةٍٍ أيضاً من الأركان ،من غيرٍ إلى غيرٍ إلى غير ، أصبحت بلا شكٍ ((غير)) !!! ، السيارات
( ستفتش عنها ياولدي في كل مكان ، وستسأل عنها موج البحر !! وتسألُ فيروز الشطآن !! الشوارع والأزقة " مفقودٌ مفقودٌ مفقوووود ياولدي !! ياولدي " يقول أحد الحكماء رحمه الله تعالى ( خلاخل والبلاء من داخل ) كم سنسمع بعد أن سمعنا وسنسمع وسنظل في هذا السماع ونواصل من بعيدٍ الاستماع ، كان وكان وياماكان في قديم الزمان ، ومانحن فيه الآن لخير شاهدٍ على "ماكان ".
الصحوة مطلوبة والاستغراق في الظلال حوبة والباب مفتوح لمن أراد التوبة ، نفقد يومياً الكثير والكثير من الأنفس البريئة تحت غطاء المدنية الزائفة الوضيعة ، نسكن الأحياء لنتخلص من أكومة الأتربة الصحراوية المقرفة في هجيل الشمس المحرقة ، وتطوينا السنون كطي السجل عاماً بعدَ عامٍ وننسى أننا نعيش على سطحِ أرضٍ واهيةٍ لاتلبثُ أن تهطلَ عليها قليلُ المطر حتى تراها ( تغرق .. تغرق.. تغرق .. ) وعندها يصيح الأنام " إن كنت قوياً أخرجني من هذا اليم ، فأنا لا أعرفُ لا أعرفُ فنَّ العوم "
خذ نفساً وسنواصل إبحارنا في عالم الهمجية البحتة والمدنية المزيفة حول كوم الماء الراكد منذ مئات السنين ...