السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أجد أمي في البيت عندما دخلته ، فانتابني خوف فظيع .وسألت عنها بعض الجيران . فقالوا إنهم لم يروها .
لم يكن في يدي شيء غير أن أجلس وأنتظر ، وأخيرًا وصلت أمي ، إذن كانت مخاوفي لا محل لها . كانت أمي قد ذهبت إلى أحد أقاربنا لتطلب منه طعامًا . ولم يكن وضع أقاربنا هؤلاء بأفضل من وضعنا . ومع ذلك فقد لفوا أربعة قطع من الخبز وأعطوها لنا . شكرنا الله . بلَلْنا خبزنا بالماء وأكلناه .
كنت أفكر وأقول لنفسي ؛ إننا نرضى بالجوع ، يكفي أن تكون أمي ، وأبي بخير . عانينا بما فيه الكفاية .لقد هزّنا جدًا موت أخي الكبير . لو كان موجودًا ، ما كنا اليوم بهذا الضيق . كان شابًا يافعًا . كان أكبر مني بأربعة أعوام . كان يساوي أبي طولاً . كيف قتلوا أخي ، تذكرت تضرجه في الدماء . واحد من الذبن شاهدوه عند ضربه قال إنه سأل عنا وكان يصيح مناديًا أمه . نظرت في عيني أمي ، شيء جيد أنها لم تعرف ما يجول بخاطري . ولو أنها عرفت ما أكلت الخبز الذي بيدها . عملت كل ما في وسعي لكي لا أُذكٍّرها بأخي الكبير. وكذلك لجعلها تنسى عندما تتذكره .
قلت لأمي أثناء أكلنا الخبز كما نبه علي معلمي الشيخ ، إني وجدت عملاً جديدًا ، وإننا سنجمع نقود بعض التجار من القرى القريبة ، وأن معي شخصًا كبيرًا موثوقًا فيه . ولم تعترض أمي لأن الواسطة في هذا هو معلمي الشيخ وكانت تحترمه لكنها قالت :
- لو وجدت عملاً هنا . وتأتي للبيت كل مساء ، لكان ذلك أفضل ، فالجنود يقفون على مداخل البلد وخارجه . وقد يقبضون عليك بأيّ حجة ، وأموت أنا كل ليلة وأحيا من القلق .لا أستطيع أن أتحمل أي سوء يحدث لك .
- لاتقلقي يا أمي . إن سأذهب من الطرق الجبلية وليس من الطرق التي يسيطر عليها الجنود . ثم إني سآتي بالتأكيد إلى البيت مرة كل يومين .
قالت أمي :
- آمل هذا إن شاء الله
- إن شاء الله
انكببت سريعًا على تحضير لوازمي ، ولم يكن هناك أي داع لأخذ ملابس داخلية نظرًا لأني سأعود بعد يومين ، ولم يكن الأمر يحتاج إلى زاد للطريق ، فكل مافي البيت ثلاثة أرغفة من الخبز . وتركتها بالضرورة لأمي . كل ما حدث هو أني استحممت وغيرت ملابسي الداخلية . وكانت هذه أول في حياتي أخرج من البيت على ألاّ أرجع مساء. احتضنتني أمي وضمتني إلى صدرها . وظلت ذراعاها فترة طويلة ممسكة بي لم تتراخ . وأحسست بنزول دموع عينيها الدافئة بين شعري . قبلت يدها وخرجت لآخذ طريقي .........
---------------------------------------------------------
ما سبق كان صفحة من صفحات كتاب من الحجم المتوسط اسمه " المجاهد الصغير " يباع في مكتبة التدمرية وعندي منه نسخة ونسخة أخرى الكترونية رفعتها لمن اراد قراءتها وهي والله تستحق القراءة
دمتم بخير
http://file13.9q9q.net/Download/64558422/Mjahed---Word2003.rar.html